كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق، ولا يلفظ بشق فم ولسان، ولكن يقول له كن فكان، بمشيته ما خاطب به موسى من الأمر والنهي من غير تردد في نفس - الخبر -.
وفي نهج البلاغة في خطبة له عليه السلام: متكلم لا بروية، مريد لا بهمة، الخطبة.
وفي النهج أيضا في خطبة له عليه السلام: الذي كلم موسى تكليما، وأراه من آياته عظيما، بلا جوارح ولا أدوات ولا نطق ولا لهوات، الخطبة.
أقول: والاخبار المروية عن أئمة أهل البيت في هذا المعنى كثيرة، وهي مطبقة على أن كلامه تعالى الذي يسميه الكتاب والسنة كلاما صفة فعل لا صفة ذات.
(بحث فلسفي) ذكر الحكماء: أن ما يسمى عند الناس قولا وكلاما وهو نقل الانسان المتكلم ما في ذهنه من المعنى بواسطة أصوات مؤلفة موضوعة لمعنى فإذا قرع سمع المخاطب أو السامع نقل المعنى الموضوع له الذي في ذهن المتكلم إلى ذهن المخاطب أو السامع، فحصل بذلك الغرض منه وهو التفهيم والتفهم، قالوا: وحقيقة الكلام متقومة بما يدل على معنى خفي مضمر، واما بقية الخصوصيات ككونه بالصوت الحادث في صدر الانسان ومروره من طريق الحنجرة واعتماده على مقاطع الفم وكونه بحيث يقبل أن يقع مسموعا لا أزيد عددا أو أقل مما ركبت عليه أسماعنا فهذه خصوصيات تابعة للمصاديق وليست بدخيلة في حقيقة المعنى الذي يتقوم بها الكلام.
فالكلام اللفظي الموضوع الدال على ما في الضمير كلام، وكذا الإشارة الوافية لآرائه المعنى كلام كما أن إشارتك بيدك: ان اقعد أو تعال ونحو ذلك أمر وقول، وكذا الوجودات الخارجية لما كانت معلولة لعللها، ووجود المعلول لمسانخته وجود علته وكونه رابطا متنزلا له يحكي بوجوده وجود علته، ويدل بذاته على خصوصيات ذات علته الكاملة في نفسها لولا دلالة المعلول عليها. فكل معلول بخصوصيات وجوده كلام لعلته تتكلم به عن نفسها وكمالاتها، ومجموع تلك الخصوصيات بطور اللف كلمة من كلمات علته، فكل واحد من الموجودات بما ان وجوده مثال لكمال علته الفياضة،