أقول: وروي هذا المعنى في الدر المنثور عن سفيان بن عيينة وابن جرير من طريق سلمة بن كهيل عن علي عليه السلام وكذا عن عبد الرزاق وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم، وصححه وابن عساكر والبيهقي في الدلائل من طريق أبي الأحوص عن علي عليه السلام مثله.
وفي تفسير القمي عن أبيه عن علي بن الحسين بن خالد عن الرضا عليه اسلام:
السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان.
أقول: وروى هذا المعنى أيضا الصدوق في المعاني والعياشي في تفسيره عن الرضا عليه السلام، وهذه الأخبار الواردة في معنى السكينة وإن كانت آحادا إلا أنها قابلة التوجيه والتقريب إلى معنى الآية، فإن المراد بها على تقدير صحتها: ان السكينة مرتبة من مراتب النفس في الكمال توجب سكون النفس وطمأنينتها إلى أمر الله، وأمثال هذه التعبيرات المشتملة على التمثيل كثيرة في كلام الأئمة، فينطبق حينئذ على روح الايمان، وقد عرفت في البيان السابق ان السكينة منطبقة على روح الايمان.
وعلى هذا المعنى ينبغي ان يحمل ما في المعاني عن أبي الحسن عليه السلام في السكينة، قال عليه السلام: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شئ كلمهم وأخبرهم، الحديث فإنما هو روح الايمان يهدي المؤمن إلى الحق المختلف فيه.
(بحث علمي واجتماعي) ذكر علماء الطبيعة ان التجارب العلمي ينتج ان هذه الموجود ات الطبيعية المجبولة على حفظ وجودها وبقائها، والفعالة بقواها المقتضية لما يناسبها من الافعال ينازع بعضها البعض في البقاء، وحيث كانت هذه المنازعة من جهة بسط التأثير في الغير والتأثر المتقابل من الغير وبالعكس كانت الغلبة للأقوى منهما والأكمل وجودا، ويستنتج من ذلك أن الطبيعة لا تزال تنتخب من بين الافراد من نوع أو نوعين أكملها وأمثلها فيتوحد للبقاء، ويفنى سائر الافراد وينقرض تدريجا، فهناك قاعدتان طبيعيتان: إحداهما: تنازع البقاء، والثانية: الانتخاب الطبيعي وبقاء الأمثل.