صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا.
أقول: وروي هذا المعنى عن غيره أيضا كسعيد بن جبير ويظهر من كلامه أنه إنما استفاد ذلك من الآيات القرآنية كقوله تعالى: " والذكر الحكيم " آل عمران - 58، وفي قوله تعالى: " وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع " الطور - 5، وقوله تعالى: " فلا أقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم أنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون " الواقعة - 79، وقوله تعالى:
" وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا " حم السجدة - 12، وجميع ذلك ظاهر إلا ما ذكره في مواقع وانه السماء الأولى وموطن القرآن فإن فيه خفاء، والآيات من سورة الواقعة غير واضحة الدلالة على ذلك، وقد ورد من طرق أهل البيت أن البيت المعمور في السماء، وسيجئ الكلام فيه في محله إنشاء الله تعالى، ومما يجب أن يعلم أن الحديث كمثل القرآن في اشتماله على المحكم والمتشابه، والكلام على الإشارة والرمز شائع فيه، ولا سيما في أمثال هذه الحقائق: من اللوح والقلم والحجب والسماء والبيت المعمور والبحر المسجور، فمما يجب للباحث أن يبذل جهده في الحصول على القرائن * * * وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون - 186.
(بيان) قوله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، أحسن بيان لما اشتمل عليه من المضمون وأرق أسلوب وأجمله فقد وضع أساسه على التكلم وحده دون الغيبة ونحوها، وفيه دلالة على كمال العناية، بالامر، ثم قوله: عبادي، ولم يقل: الناس وما أشبهه يزيد في هذه العناية، ثم حذف الواسطة في الجواب حيث قال:
فإني قريب ولم يقل: فقل إنه قريب، ثم التأكيد بإن ثم الاتيان بالصفة دون الفعل