وفيه أيضا: اخرج ابن عبد الحكم: ان الشافعي ناظر محمد بن الحسن في ذلك، فاحتج عليه ابن الحسن بأن الحرث إنما يكون في الفرج فقال له: فيكون ما سوى الفرج محرما فالتزمه فقال: أرأيت لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها (الاعكان جمع عكنة بضم العين: ما انطوى وثنى من لحم البطن) أفي ذلك حرث: قال: لا، قال، أفيحرم؟ قال: لا، قال: فكيف تحتج بما لا تقولون به؟
وفيه أيضا: اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، قال: بينا أنا ومجاهد جالسان عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: ألا تشفيني من آية المحيض؟
قال: بلى فأقرأ: ويسألونك عن المحيض إلى قوله: فأتوهن من حيث امركم الله فقال: ابن عباس: من حيث جاء الدم من ثم أمرت ان تأتي فقال: كيف بالآية نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم؟ فقال: اي، ويحك، وفي الدبر من حرث؟ لو كان ما تقول حقا كان المحيض منسوخا إذا شغل من ههنا جئت من ههنا، ولكن انى شئتم من الليل والنهار.
أقول: واستدلاله كما ترى مدخول، فإن آية المحيض لا تدل على أزيد من حرمة الاتيان من محل الدم عند المحيض فلو دلت آية الحرث على جواز إتيان الادبار لم يكن بينها نسبة التنافي أصلا حتى يوجب نسخ حكم آية المحيض؟ على انك قد عرفت ان آية الحرث أيضا لا تدل على ما راموه من جواز إتيان الادبار، نعم يوجد في بعض الروايات المروية عن ابن عباس: الاستدلال على حرمة الاتيان من محاشيهن بالامر الذي في قوله تعالى: فأتوهن من حيث امركم الله الآية، وقد عرفت فيما مر من البيان انه من أفسد الاستدلال، وان الآية تدل على حرمة الاتيان من محل الدم ما لم يطهرن وهي ساكتة عما دونه، وان آية الحرث أيضا غير دالة إلا على التوسعة من حيث الحرث، والمسألة فقهية إنما اشتغلنا بالبحث عنها بمقدار ما تتعلق بدلالة الآيات.
* * * ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم - 224. لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم - 225. للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم - 226. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم - 227.