تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٦٨
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة: سميت بقرة لبقرها الأرض، والهاء ليست للتأنيث، وإنما هي لتدل على الوحدة كالبطة، والدجاجة والاوزة والحمامة.
وأول هذه القصة قوله تعالى: " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها " وإنما فكت عنه وقدمت عليه لاستقلاله بنوع آخر من مساوئهم، وهو الاستهزاء بالامر والاستقصاء في السؤال، وترك المسارعة في الامتثال.
وقصته على ما رواه العياشي مرفوعا إلى الرضا (عليه السلام) أن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له، ثم أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل، ثم جاء يطلب بدمه، فقالوا لموسى (عليه السلام): إن سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله؟ قال: اتوني ببقرة (1).
والمروي عن الصادق (عليه السلام): في سبب قتله، أنه قتله ليتزوج بنته وقد خطبها فلم ينعم له، وقد خطبها غيره من خيار بني إسرائيل فأنعم له، فحسده ابن عمه الذي لم ينعم له، فقعد له فقتله، ثم حمله إلى موسى. إلى آخر الحديث (2).
والمذكور في الكشاف وغيره أنه كان فيهم شيخ موسر، فقتل ابنه بنو أخيه طمعا في ميراثه وطرحوه على باب المدينة، ثم جاؤوا بدمه، فأمرهم أن يذبحوا بقرة و يضربوه ببعضها ليحيى فيخبرهم بقاتله (3).
قالوا أتتخذنا هزوا: مكان هزء، أو أهله، أو مهزوء بناء، أو الهزء نفسه، لفرط الاستهزاء، استبعادا لما قاله، أو استخفافا به.
وقرئ هزء بضمتين، وبسكون الزاي، بالهمزة في الصورتين وبضمتين والواو.
قال أعوذ بالله أن أكون من الجهلين: لان الهزء في مقام الارشاد جهل وسفه.

(١) تفسير العياشي: ج ١، ص 46، قطعة من حديث 57.
(2) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 1، ص 49.
(3) الكشاف: ج 1، ص 148، في تفسيره لقوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه).
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست