قال صاحب الكشاف: كرر الإشارة للدلالة على أن ما لحقهم كما هو بسبب الكفر والقتل، فهو بسبب ارتكاب المعاصي واعتدائهم حدود الله (1).
وفيه نظر، لأنه لو كان التكرير لذلك لكفى فيه أن يقول: وبما عصوا.
وقال: وعلى تقدير أن يكون ذلك إشارة إلى الكفر والقتل، يجوز أن يكون الباء بمعنى مع، أي ذلك الكفر والقتل مع ما عصوا (2)، والأحسن ما قررناه لرعاية اتساق الكلام، وإنما جوزت الإشارة بالمفرد إلى شيئين على تأويل ما ذكرنا وما تقدم للاختصار، ونظيره في الضمير قول رؤبة:
فيها خطوط من سواد وبلق * كأنه في الجلد توليع (3) البهق (4).
فإن قيل: كيف يجوز التخلية بين الكفار وقتل الأنبياء؟
أجيب بأنه إنما جاز ذلك لينال أنبياء الله سبحانه من رفيع المنازل والدرجات ما لا ينالونه بغير القتل.
قال الشيخ الطبرسي: وليس ذلك بخذلان لهم، كما أن التخلية بين المؤمنين والأولياء والمطيعين وبين قاتليهم ليس بخذلان لهم، هذا كلامه (5).
والأجود التفصيل بأنه ليس بخذلان بمعنى إنزال العذاب وسوء عاقبة الدار، و غير ذلك مما ينبئ عن خذلان الآخرة وحرمان المثوبة.