تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٦١
أو التصقتا بهم حتى لزمتاهم ضربة لازب كما تضرب الطين على الحائط فيلزمه، مجازاة لهم على كفران النعمة، فاليهود أذلاء أهل مسكنة، إما على الحقيقة، أو لتصاغرهم وتفاقرهم مخافة أن تضاعف عليهم الجزية أو المراد بالذلة: الهوان بأخذ الجزية، وبالمسكنة: كونهم بزي الفقراء، فترى المثري منهم يتمسكن مخافة أن تضاعف عليهم الجزية، أو المراد بالذلة ما يشمل المعنيين، وبالمسكنة: فقر القلب، لأنه لا يوجد يهودي غني النفس، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): الغنى غنى النفس (1).
وباءوا بغضب من الله: رجعوا به، من باء: إذا رجع، أو صاروا أحقاء بغضبه، من باء فلان بفلان إذا كان حقيقا بان يقتل به، وأصل البوء المساواة.
ذلك: إشارة إلى ما سبق من ضرب الذلة والمسكنة، والبوء بالغضب كائن لهم.
بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق: بسبب كفرهم بالمعجزات، أو بالكتب المنزلة، وآية الرجم، والتي فيها نعت محمد (صلى الله عليه وآله) من الكتب. وقتلهم الأنبياء كزكريا ويحيى وغيرهما - عليهم السلام - بغير الحق عندهم، إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى، وهذا أشنع من أن يقتلوه بشئ يعتقدونه جرما حقا باعتقادهم الفاسد.
ذلك: أي الكفر بالآيات وقتل الأنبياء، صدر عنهم.
بما عصوا وكانوا يعتدون: بسبب عصيانهم وتماديهم فيه، فإن التمادي في ضعاف الذنوب يؤدي إلى شدادها، كما أن المواظبة على صغار الطاعات يؤدي إلى تحري كبارها.

(١) مجمع البيان: ج ١ - ٢، ص ١٢٤، في تفسير الآية الشريفة (وإذ قلتم يا موسى) الآية. ومسند أحمد بن حنبل: ج ٢، ص ٢٤٣.
وسنن ابن ماجة: ج ٢، كتاب الزهد، باب 9، القناعة، ص 1386، ح 4137. ولفظ الحديث (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس).
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست