والأربعة تقابل الأربعة، ومثل ذلك قول الشاعر [١]:
ألا إنما أهلي بواد أنيسه * ذئاب تبغي الناس مثنى وموحد قال: فهذا لا يكون أبدا لاثنين فحسب ولا لواحد فحسب، إنما هو اثنان اثنان وواحد واحد. ثم حكى المبرد ان الجاحظ سئل عن قوله تعالى:
(أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع)، فقيل له: كيف تكون الأجنحة ثلاثة، فقال: واحد في الوسط، فضحك منه وعلم أنه لا علم له بهذا الجنس.
ولعمري إن الجاحظ لا يشق غبار محمد بن يزيد في علوم القرآن والتفنن فيه واستنباط غوامض معانيه! وحكى لي [٢] عن أبي بكر ابن مجاهد: أنه كان يقول: ما رأيت أحسن جوابا من المبرد في معاني القرآن لا سيما فيما ليس فيه قول لمتقدم. ومن غريب كلامه في تأويل القرآن تفسيره أول آية في هذه السورة التي نحن في الكلام على متشابهها، وهي قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..)، قال: معناه على هيئة واحدة. قال: ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم..﴾ (3) اي:
مثلكم، وقوله تعالى: (فاقتلوا أنفسكم..) (4) اي، أمثالكم، كأنه تعالى قال، ليقتل بعضكم بعضا. قال ومعنى (وخلق منها زوجها) اي، جعل زوجها من جنسها، ليسكن إليها وتسكن