(ومن الانعام حمولة وفرشا... - 142) هو ما يفترش للذبح.
فهل رأيت قولا أعدل عن الجادة، وأشد انحرافا عن المحجة، وأدل على خبط قائله، وتخليط متأوله، من هذا؟! وهل يجوز أن يذهب فكر سليم ويرمي رأي مستقيم إلى مثل هذا القول؟! وأي شئ في قوله تعالى ههنا: (حمولة وفرشا) مما يجوز أن يستدل به على ما يذبح؟! وهل سمع في لسانهم فرش بمعنى ذبح، فيقول: إن الفرش مما [1] يذبح؟!.
ولو كان الامر على ما ظنه - على بعده وبرده - لكان، على قوله، يجب أن يكون حمولة وافتراشا، لأنه قال: المراد بذلك ما يفترشونه للذبح، وفسر الافتراش بأنه الاضجاع للنحر، ونظر ذلك بقوله تعالى:
(فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها..) [2]، أي: سقطت على جنوبها. وخطؤه في هذا التمثيل أعظم من خطئه في ذلك التأويل، فإنه سبحانه دل بقوله: (فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها)، على أن نحر الإبل يكون وهي قائمة، ثم تسقط بعد نحرها وهو معنى قوله: (صواف)، وأبو مسلم قال: معنى ذلك ما يفترش للذبح أي يضجع، فجعل نحرها بعد اضجاعها، ولم يرض بذلك حتى جعل الشاهد على قوله ما هو ضد قوله وإن أراد أن في الانعام ما ينحر مضجعا، فما كان ينبغي أن يجعل النظير له ما ينحر منتصبا.
هذا، على أن جميع العلماء في الفرش على قولين لا ثالث لهما: أحدهما،