وإن لم تؤتوه فاحذروا)، فأخبر أن علماءهم يأمرونهم بما شاءوا من الاخذ والترك والاعطاء والمنع، وقوله تعالى: (سماعون لقوم آخرين) يدل على كثرة سماعهم منهم وقولهم عنهم، لان فعالون يدل على كثرة الفعل منهم، ولم يقل: سامعون، فينبئ عن القلة، وإذا كانوا من تعظيم رؤسائهم والسماع لأقوالهم، إلى الحد الذي أو مأنا إليه، جاز أن يلحقوا بالنصارى في النهي بألا يتخذوا بعضهم أربابا، على الوجه الذي ذكرناه.
وقال قاضي القضاة أبو الحسن [1]: قد يجوز أن يكون إنما خوطب اليهود بذلك لان فيهم مشبهة والمشبه في حكم المشرك.
قلت أنا: وهذا يستقيم في قوله تعالى: (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) [2]، فيكون خطابا لليهود مع النصارى، على ما ذهب إليه قاضي القضاة في جواز إطلاق اسم المشرك على المشبهة من اليهود. فاما قوله تعالى: (ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)، فليس يدخل اليهود تحت الخطاب به، إلا على المعنى المتقدم الذي ذكرناه: من جريهم مجرى النصارى في تعظيم الرؤساء وترجيب العلماء، لان معنى ذلك الانقياد لغير الله على وجه التزام الطاعة له، حتى تحل ما أحل وتحرم ما حرم، وتقلده في الاقدام والكف والاعطاء والمنع