وهذا القول فحوى كلام أبي إسحاق الزجاج في الرد على الفراء، وقال المفضل بن سلمة في ذلك: (اما قول الفراء في الاستشهاد على أن المراد بمثليكم ثلاثة أمثالكم: (إن القائل يقول - وعنده عبد له -:
احتاج إلى مثلي عبدي، فهو محتاج إلى ثلاثة أمثاله)، لا يقوم في العقل، وذلك أن عبده قد حصل له واستغنى عن طلبه، وإنما تقع حاجته على المثل والمثلين). قال: (ولو كان الامر كذلك، كان إذا دفع الرجل إلى آخر درهما، وقال: أعطني مثل درهمين طيبا، أعطاه مثليه مرتين، أو قال: أعطني مثليه، أعطاه ثلاثة أمثاله، وهذا يوجب أن يكون المثل في الاعداد والأوزان غير معلوم ولا مضبوط، وذلك غير صحيح).
5 - وقد قال بعض العلماء أيضا: (إن قال قائل: كيف ذكر سبحانه ان المسلمين كانوا يرون المشركين مثليهم، وكان المشركون ثلاثة أمثالهم (على ما ذكرناه في ما تقدم)؟ فجوابه: أنهم وإن كانوا ثلاثة أمثال المسلمين، فلم يخرجوا من أن (يكونوا) (1) مثليهم، لان فيهم هذا القدر والزيادة على ذلك من الفضل) وهذا القول عندي غير سديد، وذلك أنه تعالى قال: (يرونهم)، فعم جميعهم بالرؤية على تلك الصفة، ولو كان الامر على ما ذهب إليه هذا القائل، لكان هذا الكلام لغوا وعيا يتعالى الله عنه، لأنه كان يقوم مقامه أن يقول: يرونهم ثلاثة أمثالهم على ما هم عليه في الحقيقة، إذا كان يريد بقوله: (يرونهم مثليهم): أن عدد بعضهم كذا،