للاحداث والأفعال. وأيضا، فان الألوان والعيوب أفعالها في الأصل على أكثر من ثلاثة أحرف، لأنك تقول في الألوان: احمر، واحمار وابيض، وابياض - وفي العيوب: أعور، واعوار، بالتشديد، فتبلغ بالزيادة ستة أحرف أو خمسة. ولا يجوز أن يقال: هذا أفعل من هذا، إلا في ما يجوز أن يتعجب منه فيقال: ما أفعله وأفعل به، وفعل التعجب إنما يجوز في ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف كفعل، مثل علم، أو فعل، مثل قتل، أو فعل، مثل ظرف، فاذن لا يجوز هذا.
وكان شيخنا وصديقنا أبو الفتح النحوي يقول: (أما قولهم عور وحول فالأصل فيه أعور واحول، لان جميع نظائره كذلك، ولان العور والحول أدخل في باب الخلقة من الألوان، وليس يقال في الألوان.
حمر ولا سود، فدل ذلك على أن أصل عور وحول التشديد، والأصل أولى بهذه الأشياء). فإذا لم يجز أن يكون أعمى ههنا من عمى العين على حقيقته لم يخل أن يراد به: ما قلنا من الصدوف به عن رؤية الجنة وثوابها، فكأنه أعمى عنها على المجاز والاتساع، أو يكون المراد به عمى القلب من طريق الجهل، فيصح فيه حينئذ لفظة أفعل، كما يقال: زيد أجهل من عمرو، فأما في قراءة من قرأ: (فهو في الآخرة أعمى) على أنه اسم لذي العمى، كما يقال: رجل أعور - من غير أن يكون بمعنى أفعل من غيره -، فقد يصح فيه أيضا الحمل على المعنيين المذكورين، كأنه تعالى قال:
ومن كان في هذه أعمى عن الثواب فهو في الآخرة أعمى عن الثواب، أو من كان في هذه أعمى القلب من الجهل فهو في الآخرة أعمى كذلك أيضا.