بذلك ما أريد بتقليل المشركين في أعين المسلمين، فهو طريق غلبة الكفار وجرأة الفجار، فما قولكم في الاحتجاج لذلك؟
فالجواب: أن للعلماء في ذلك أقوالا:
1 - فمنها، أن يكون سبحانه قلل المشركين في أعين المسلمين، إرادة منه تهوين أمر المشركين، وتصغير شأنهم عند المؤمنين، لما أراد سبحانه من نصر المؤمنين عليهم، وتمكينهم من نواصيهم، لتكون الغلبة لأوليائه، والدائرة على أعدائه. ثم قلل من بعد ذلك المسلمين في أعين المشركين، لغرض آخر صحيح: وهو أن [يعلم المشركين] (1) أن الغلبة والظفر لم يكونا للمسلمين - مع نقصان العدد وقلة المدد - إلا بامدادهم من عون الله سبحانه ونصرته وتأييده وقوته، بما يقوم مقام السيوف الماضية، والجنن الواقية، والخيول المقحمة، والكتائب المقدمة، فقللهم في أعينهم ليعلموا أن الله سبحانه ناصرهم ومعينهم، وليتحقق المشركون أن الله خاذلهم وموهن كيدهم، فيبعثهم بذلك على الدخول في الدين، وطاعة النبيين.
وقوله سبحانه: (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) يوضح عن ذلك، لان الامر المفعول هو غلبة المؤمنين دون الكافرين، وقوله سبحانه في الآية المتقدمة: (والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الابصار) دليل على ذلك أيضا، لأنه سبحانه جعل تلك الحال آية ودليلا على أن نصر المؤمنين من قبل الله تعالى، وجعله عبرة