زادهم هدى وآتاهم تقواهم) (١) فأضاف سبحانه (٢) الفعل في الإزاغة إلى نفسه، على اتساع مناهج اللغة في إضافة الفعل إلى الآمر، وإن وقع مخالفا لامره، لما كان وقوعه مقابلا لامره، ويكشف عن ذلك قوله تعالى: ﴿إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون﴾ (3)، وهؤلاء الفريق من عباد الله لم ينسوا الفريق الآخر ذكر الله، وكيف يكون ذلك وهم يحادثون أسماعهم وقلوبهم بذكره سبحانه وعظا وتخويفا، وتنبيها وتحذيرا؟!، ولكنهم لما اتخذوهم سخريا وقاموا على سئ أفعالهم وذميم اختيارهم، أنسوهم ذكر الله، فأضيف الانساء إلى ذلك الفريق من عباد الله، إذ كان نسيان من نسي ذكر الله سبحانه إنما وقع في مقابلة تذكيرهم به وتخويفهم منه ودعائهم إليه، فحسنت الإضافة على الأصل الذي قدمناه.
وأقول: إنه قد جاء الاتساع في اللغة بالزيادة على هذه المرتبة التي ذكرناها من إضافة الفعل إلى الآمر، وإن لم يأمر به، بل أمر بضده، لما وقع مقابلا لامره فسمي من كان سبب الضلال مضلا، وإن لم يكن