وميزة هذا السفر (أولا): بيانه العالي السهل، الذي يتفق بأسلوبه مع الذوق الحديث في الانشاء، والأصح أن الذوق الحديث هو الذي أرجعنا إلى مثل المؤلف في تلك العصور الحافلة بأعلام الأدب وبلغاء كتاب العرب، أمثال الجاحظ والثعالبي والصاحب بن عباد ومنهم المؤلف.
أرجعنا بعد أن فسد البيان بضروب التسجيع البارد والتعقير المخل.
(ثانيا): اختصاصه بموضوع المتشابه في هذا الأسلوب.
(ثالثا): جمعه واستقصاؤه لأقوال العلماء إلى ذلك العصر، فكان له بذلك ميزة تأريخية قيمة، ولو أنه كان يذكر أسماء القائلين وأصحاب الآراء دائما، لبلغ بذلك الغاية القصوى من هذه الناحية.
وهذا الجمع لم نعرفه لكتاب آخر قبله إلا ما كان في أمالي الشريف علم الهدى أخيه المرتضى رحمه الله، فيما يتفق وهذا الكتاب ببعض المسائل.
ومما لفت أنظارنا ما وجدنا من التقارب والتشابه بين هذين الكتابين في المسائل المشتركة. فمن هو السابق يا ترى؟ وهل درسا على أستاذ واحد فتلقيا هذه المعلومات الواحدة؟ نعم نجد أن المرتضى أملى مجالسه في طريق الحج، وكان قد حج عام 394 ومعه أخوه والوزير الحسين بن الريان، ولا نعلم أنه حج قبل هذا ولا بعده، على أنه يخبرنا في أماليه ج 1: ص 78 من المطبوع بمصر، أن بعض أصدقائه اقترح عليه إجازة بيت لأبي دهبل فأجازه بمقطوعة، فنجد هذه المقطوعة في ديوانه المخطوط بمكتبة شيخنا العلامة الحلي وأن المقترح عليه هو هذا الوزير