يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) فإنه حدثني أبي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنه سئل عن قول النبي صلى الله عليه وآله ان الشرك اخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء، فقال كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله وكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتم لكيلا يسب الكفار إله المؤمنين فيكونوا المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون فقال: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم " وقوله (كذلك زينا لكل أمة عملهم) يعني بعد اختبارهم ودخولهم فيه فنسبه الله إلى نفسه والدليل علي ان ذلك لفعلهم المتقدم قوله (ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون).
ثم حكى قولهم وهم قريش فقال (وأقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) فقال الله عز وجل (قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم انها إذا جاءت لا يؤمنون) يعني قريشا وقوله (ونقلب أفئدتهم وابصارهم) وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " ونقلب أفئدتهم وابصارهم " يقول ننكس قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعلاها ونعمي أبصارهم فلا يبصرون بالهدى، وقال علي بن أبي طالب عليه السلام ان أول ما يغلبون (يقلبون خ ل) عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد بقلوبكم فمن لم يعرف قلبه معروفا ولم ينكر منكرا نكس قلبه فجعل أسفله أعلاه فلا يقبل خيرا ابدا (كما لم يؤمنوا به أول مرة) يعني في الذر والميثاق (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) اي يضلون ثم عرف الله نبيه صلى الله عليه وآله ما في ضمائرهم وانهم منافقون (ولو اننا نزلنا إليهم الملائكة الجزء (8) وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا) اي عيانا (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) وهذا أيضا ما يحتجون به المجبرة ومعنى قوله إلا أن يشاء الله إلا أن يجبرهم على الايمان.