قبيحة، وساعده على كل حال، وزل معه حيث زال، ولا تطلبن منه المجازاة، فإنها من شيم الدناءة، وخذ على عدوك بالفضل، فإنه أحرى للظفر، لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، ولن لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد اللطف، والعداوة بعد المودة، والخيانة لمن ائتمنك، وخلف الظن لمن ارتجاك، والغرر بمن وثق بك، وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه، ولا تضيعن بر أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس بأخ من أضعت حقه، لا يكون أهلك أشقى الناس بك، ولا ترغبن فيمن زهد فيك، ولا تزهدن فيمن رغب إليك، إذا كان للخلط موضعا، لا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته لا يكونن على الإساءة أقوى منك على الاحسان إليه، ولا على البخل أقوى منك على البذل، ولا على التقصير أقوى منك على الفضل، لا يكثرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء من سرك أن تسوءه، واعلم أي بني! أن الرزق رزقان: رزق تطلبه، ورزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك، واعلم أن الدهر ذو صروف، فلا تكونن ممن يسبك لاعنة للدهر، ومحفلا عند الناس عذره،
(١٧٩)