ونفعه من ضرره، فاستخلصت من كل شئ نحيلته، وتوخيت لك جميلته، وصرفت عنك مجهوله، ورأيت عنايتي بك واجبة على، فجمعت لك ما إن فهمته أدبك، فاغتنم ذلك وأنت مقتبل بين النية واليقين، فعليك بتعليم كتاب الله وتأويله! وشرائع الاسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا تجاوز ذلك قبله إلى غيره، فان أشفقت أن شبهة لما اختلف فيه الناس من أهوائهم ورأيهم مثل الذي لبسهم، فتقصد في تعليم ذلك بلطف، يا بني! وقدم عنايتك في الامر ليكون ذلك نظرا لديك، لا مماريا ولا مفاخرا ولا طلبا لعرض عاجلتك، فان الله يوفقك لرشدك، ويهديك لقصدك، فاقبل عهدي إليك، ووصيتي لك، واعلم أبا بني! إن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي تقوى الله، والاقتصار على ما افترض الله عليك، والاخذ بما الضبي عليك أولوك من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن ينظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم ذلك إلى الاخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا، فان أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم ما علموا، فيكون طلبك ذلك بتعليم وتفهم وتدبر، لا بتوارد الشبهات وعلم الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك عليك والرغبة إليه،
(١٧٠)