شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٧
رأيتك ترعاني بعين بصيرة * وتبعث حراسا على وناظرا وذلك من قول أتاك أقوله * ومن دس أعداء إليك المآبرا (1) فآليت لا آتيك إن كنت مجرما * ولا أبتغي جارا سواك مجاورا.
أي لا آتيك حتى يثبت عندك إني غير مجرم.
فأهلي فداء لامرئ إن أتيته * تقبل معروفي وسد المفاقرا (2) سأربط كلبي أن يريبك نبحه * وإن كنت أرعى مسحلان وحامرا (3) أي سأمسك لساني عن هجائك وإن كنت بالشام في هذين الواديين البعيدين عنك.
وحلت بيوتي في يفاع ممنع * تخال به راعى الحمولة طائرا (4) تزل الوعول العصم عن قذفاته * ويضحى ذراه بالسحاب كوافرا حذارا على الا تنال مقادتي * ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا يقول: أنا لا أهجرك وإن كنت من المنعة والعصمة على هذه الصفة.
أقول وقد شطت بي الدار عنكم * إذا ما لقيت من معد مسافرا ألا أبلغ النعمان حيث لقيته * فأهدى له الله الغيوث البواكرا وأصبحه فلجا ولا زال كعبه * على كل من عادى من الناس ظاهرا ورب عليه الله أحسن صنعه * وكان على كل المعادين ناصرا (5) فجعل أبو جعفر رحمه الله يهتز ويطرب، ثم قال: والله لو مزجت هذه القصيدة بشعر البحتري لكادت تمتزج لسهولتها وسلامة ألفاظها، وما عليها من الديباجة والرونق. من يقول إن امرأ القيس وزهيرا أشعر من هذا! هلموا فليحاكموني.

(1) المآبر: النمائم.
(2) تقبل، بمعنى قبل. والمفاقر: جمعه فقر.
(3) الديوان (سأكعم كلبي) أي سأمسك. ومسحلان وعامر: موضعان.
(4) اليفاع: المشرف من الأرض. والحمولة: الإبل التي أطاقت الحمل.
(5) ربه: أتمه.
(١٦٧)
مفاتيح البحث: الشام (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست