شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٣
عندي شئ ألذ من مناقلة الاخوان الحديث، وقبلك عامر الشعبي فابعث به إلى، فدعا الحجاج الشعبي، فجهزه وبعث به إليه، وقرظه وأطراه في كتابه، فخرج الشعبي حتى إذا كان بباب عبد الملك قال للحاجب: استأذن لي، قال: من أنت؟ قال: أنا عامر الشعبي قال: يرحمك (1) الله، قال: ثم نهض فأجلسني على كرسيه، فلم يلبث أن خرج إلى فقال: ادخل يرحمك الله، فدخلت، فإذا عبد الملك جالس على كرسي، وبين يديه رجل أبيض الرأس واللحية، جالس على كرسي، فسلمت، فرد على السلام، فأومأ إلى بقضيبه، فجلست عن يساره، ثم أقبل على ذلك الانسان الذي بين يديه فقال له: من أشعر الناس؟ فقال: أنا يا أمير المؤمنين، قال: الشعبي فأظلم ما بيني وبين عبد الملك، فلم أصبر أن قلت: ومن هذا الذي يزعم إنه أشعر الناس يا أمير المؤمنين؟
فعجب عبد الملك من عجلتي قبل أن يسألني عن حالي، فقال: هذا الأخطل، فقلت:
يا أخطل، اشعر والله منك الذي يقول:
هذا غلام حسن وجهه * مستقبل الخير سريع التمام الأبيات..
قال: فاستحسنها عبد الملك، ثم رددتها عليه حتى حفظها، فقال الأخطل: من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا الشعبي فقال: والجيلون ما استعذت بالله من شر إلا من هذا - أي والإنجيل - صدق والله يا أمير المؤمنين، النابغة أشعر منى، قال الشعبي:
فأقبل عبد الملك حينئذ على فقال: كيف أنت يا شعبي؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين، فلا زلت به ثم ذهبت لأصنع معاذير لما كان من خلافي مع ابن الأشعث على الحجاج:
فقال: مه إنا لا نحتاج إلى هذا المنطق، ولا تراه منا في قول ولا فعل حتى تفارقنا، ثم أقبل على فقال: ما تقول في النابغة؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد فضله عمر بن الخطاب

(1) رواية د (حياك الله).
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست