شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٥
أمير المؤمنين، فقال عبد الملك: هو على إنه لا يعرض لك أبدا، ثم قال عبد الملك:
يا شعبي، أي نساء الجاهلية أشعر؟ قلت: الخنساء؟ قال: ولم فضلتها على غيرها؟
قلت: لقولها:
وقائلة والنعش قد فات خطوها * لتدركه: يا لهف نفسي على صخر ألا هبلت أم الذين غدوا به * إلى القبر، ماذا يحملون إلى القبر فقال عبد الملك: اشعر منها والله التي تقول (1):
مهفهف أهضم الكشحين منخرق (2) * عنه القميص بسير الليل محتقر لا يأمن الدهر ممساه ومصبحه * من كل أوب وأن يغز ينتظر قال: ثم تبسم عبد الملك وقال: لا يشقن عليك يا شعبي، فإنما أعلمتك هذا لأنه بلغني إن أهل العراق يتطاولون على أهل الشام، ويقولون إن كان غلبونا على الدولة فلم يغلبونا على العلم والرواية، وأهل الشام أعلم بعلم أهل العراق من أهل العراق، ثم ردد على أبيات ليلى حتى حفظتها، ثم لم أزل عنده أول داخل وآخر خارج، فكنت كذلك سنين، وجعلني في الفين من العطاء، وجعل عشرين رجلا من ولدى وأهل بيتي في ألف ألف، ثم بعثني إلى أخيه عبد العزيز بمصر، وكتب إليه: يا أخي، قد بعثت إليك بالشعبي، فانظر هل رأيت قط مثله (3)!
قال أبو الفرج الأصبهاني في ترجمة أوس بن حجر، إن أبا عبيدة قال: كان أوس شاعر مضر حتى أسقطه النابغة، قال: وقد ذكر الأصمعي إنه سمع أبا عمرو بن العلاء يقول: كان أوس بن حجر فحل العرب، فلما نشأ النابغة طأطأ منه (4).
وقال محمد بن سلام في كتاب طبقات الشعراء: وقال من احتج للنابغة: كان أحسنهم

(1) هي ليلى أخت المنتشر بن وهب الباهلي.
(2) مهفهف الكشح: ضامره.
(3) الأغاني 11: 21 - 26.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست