شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٠
بيني وبينهم بعض ما يكون بين العرب، ونحن على دين الشرك، فقتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليخمسها، [ويرى فيها رأيه (1)]، فإنها غنيمة من المشركين، فقال رسول الله: أما إسلامك فقد قبلته، ولا نأخذ من أموالهم شيئا ولا نخمسها، لان هذا غدر، والغدر لا خير فيه، فأخذني ما قرب وما بعد، فقلت يا رسول الله، إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت حين دخلت إليك الساعة، فقال عليه السلام: الاسلام يجب ما قبله. قال: وكان قتل منهم ثلاثة عشر إنسانا، واحتوى ما معهم، فبلغ ذلك ثقيفا بالطائف، فتداعوا للقتال، ثم اصطلحوا على أن حمل عمى عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية.
قال: فذلك معنى قول عروة يوم الحديبية: (يا غدر، أنا إلى الأمس أغسل سوأتك، فلا أستطيع ان أغسلها)، فلهذا قال أصحابنا البغداديون: من كان إسلامه على هذا الوجه، وكانت خاتمته ما قد تواتر الخبر به، من لعن علي عليه السلام على المنابر إلى أن مات على هذا الفعل، وكان المتوسط من عمره الفسق والفجور وإعطاء البطن والفرج سؤالهما، وممالأة الفاسقين، وصرف الوقت إلى غير طاعة الله، كيف نتولاه! وأي عذر لنا في الامساك عنه، والا نكشف للناس فسقه!
[إيراد كلام لأبي المعالي الجويني في أمر الصحابة والرد عليه] وحضرت عند النقيب أبى جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري في سنة إحدى عشرة وستمائة ببغداد، وعنده جماعة، وأحدهم يقرأ في الأغاني لأبي الفرج، فمر ذكر المغيرة بن شعبة وخاض القوم، فذمه بعضهم، وأثنى عليه بعضهم، وأمسك عنه آخرون، فقال

(1) من الأغاني.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست