شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٨
فأما امرؤ القيس بن حجر، فقال محمد بن سلام الجمحي في كتاب طبقات الشعراء:
أخبرني يونس بن حبيب إن علماء البصرة كانوا يقدمونه على الشعراء كلهم، وإن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وإن أهل الحجاز والبادية يقدمون زهيرا والنابغة (1).
قال ابن سلام: فالطبقة الأولى إذن أربعة. قال: وأخبرني شعيب بن صخر، عن هارون بن إبراهيم، قال: سمعت قائلا يقول للفرزدق: من أشعر الناس يا أبا فراس؟
فقال ذو القروح، يعنى امرأ القيس، قال: حين يقول ماذا؟ قال: حين يقول:
وقاهم جدهم ببني أبيهم * وبالأشقين ما كان العقاب.
قال: وأخبرني إبان بن عثمان البجلي، قال: مر لبيد بالكوفة في بنى نهد، فاتبعوه رسول يسأله: من أشعر الناس؟ فقال: الملك الضليل. فأعادوه إليه، فقال: ثم من؟ فقال: الغلام القتيل - يعنى طرفة بن العبد - وقال: غير إبان: قال: ثم ابن العشرين، قال: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل يعنى نفسه (4).
قال ابن سلام: واحتج لامرئ القيس من يقدمه فقال: إنه ليس (3) قال ما لم يقولوه، ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها استحسنتها العرب، فاتبعه فيها الشعراء، منها استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ، وتشبيه النساء بالظباء، وبالبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصي، وقيد الأوابد، وأجاد في النسيب، وفصل بين النسيب وبين المعنى، وكان أحسن الطبقة تشبيها (4).
قال: وحدثني معلم لبني داود بن علي، قال: بينا أنا أسير في البادية إذا أنا برجل على ظليم قد زمه وخطمه وهو يقول:

(1) طبقات الشعراء 44.
(2) طبقات الشعراء 44.
(3) طبقات الشعراء: (ما قال ما لم يقولوا).
(4) طبقات الشعراء 46.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست