شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٧٠
بشعره، وإن لم يكن له بيت نادر على أفواه الناس كأبيات أصحابه الثلاثة.
وقد سئل خلف الأحمر: من أشعر الناس؟ فقال: ما ينتهى إلى واحد يجمع عليه كما لا ينتهى إلى واحد هو أشجع الناس، ولا أخطب الناس، ولا أجمل الناس، فقيل له: يا أبا محرز فأيهم أعجب إليك؟ فقال: الأعشى كان أجمعهم.
قال ابن سلام: وكان أبو الخطاب الأخفش مستهترا به يقدمه، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: مثله مثل البازي يضرب كبير الطير وصغيره، ويقول: نظيره في الاسلام جرير، ونظير النابغة الأخطل، ونظير زهير الفرزدق (1).
فأما قول أمير المؤمنين عليه السلام: (الملك الضليل) فإنما سمى امرؤ القيس ضليلا لما يعلن به في شعره من الفسق، والضليل: الكثير الضلال كالشريب، والخمير، والسكير، والفسيق، للكثير الشرب وإدمان الخمر والسكر والفسق، فمن ذلك قوله:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا * فألهيتها عن ذي تمائم محول (2) إذا ما بكى من خلفها انصرفت له * بشق وتحتي شقها لم يحول.
وقوله:
سموت إليها بعد ما نام أهلها * سمو حباب الماء حالا على حال (3) فقالت لحاك الله إنك فاضحي * ألست ترى السمار والناس أحوالي فقلت لها تالله أبرح قاعدا * ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

(1) طبقات الشعراء.
(2) ديوانه 12.
(3) ديوانه 31 - 32.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست