شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٣٥٠
في طلى الأعداء حسامه في المعونة عليه أوفر قسط، وأوفى نصيب وحظ، إذ كان مصنوعا لخزانته، وموسوما بسمته، ولإن همته أعلاها الله ما زالت تتقاضى عنده بإتمامه، وتحثه على إنجازه وإبرامه، وناهيك بها من همه راضت الصعب الجامح، وخففت العبء الفادح، ويسرت الامر العسير، وقطعت المدى الطويل في الزمن القصير.
وقد استعملت في كثير من فصوله فيما يتعلق بكلام المتكلمين. والحكماء خاصة ألفاظ القوم، مع علمي بأن العربية لا تجيزها، نحو قولهم: المحسوسات، وقولهم:
الكل والبعض، وقولهم: الصفات الذاتية، وقولهم: الجسمانيات، وقولهم: أما أولا فالحال كذا، ونحو ذلك مما لا يخفى عمن له أدنى أنس بالأدب، ولكنا استهجنا تبديل ألفاظهم وتغيير عباراتهم، فمن كلم قوما كلمهم باصطلاحهم، ومن دخل ظفار حمر (1).
والنسخة التي بنى هذا الشرح على نصها أتم نسخة وجدتها بنهج البلاغة، فإنها مشتملة على زيادات تخلو عنها أكثر النسخ.
وأنا استغفر الله العظيم من كل ذنب يبعد من رحمته، ومن كل خاطر يدعو إلى الخروج عن طاعته، واستشفع إليه بمن أنصبت جسدي، وأسهرت عيني، وأعملت فكري، واستغرقت طائفة من عمري، في شرح كلامه، والتقرب إلى الله بتعظيم منزلته ومقامه، أن يعتق رقبتي من النار، وألا يبتليني في الدنيا ببلاء تعجز عنه قوتي، وتضعف عنه طاقتي، وأن يصون وجهي عن المخلوقين، ويكف عنى عادية الظالمين، إنه سميع مجيب، وحسبنا الله وحده وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلامه!
(آخر الجزء العشرين تم الكتاب) (ولله الحمد كما هو أهله حمدا دائما لا انقضاء له ولا نفاد له آمين)

(1) ظفار: قرية باليمن. وحمر: تكلم بالحميرية، وهو مثل يضرب للرجل يدخل في القوم فيأخذ بزيهم (الميداني 2: 306).
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350
الفهرست