شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٤
في غير موطن على جميع الشعراء، ثم أنشدته الشعر الذي كان عمر يعجب به من شعره، وقد تقدم ذكره. قال: فاقبل عبد الملك على الأخطل فقال له: أتحب ان لك قياضا بشعرك شعر أحد من العرب، أم تحب إنك قلته، قال، لا والله يا أمير المؤمنين ألا إني وددت إني كنت قلت أبياتا قالها رجل منا، ثم أنشده قول القطامي:
إنا محيوك فاسلم أيها الطلل * وإن بليت وإن طالت بك الطيل (1) ليس الجديد به تبقى بشاشته (2) * إلا قليلا ولا ذو خلة يصل والعيش لا عيش إلا ما تقر به * عين ولا حال إلا سوف تنتقل أن ترجعي من أبى عثمان منجحة * فقد يهون على المستنجح العمل (3) والناس من يلق خيرا قائلون له * ما يشتهى ولام المخطئ الهبل قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل.
قال الشعبي: فقلت: قد قال القطامي أفضل من هذا، قال: وما قال؟
قلت: قال:
طرقت جنوب رحالنا من مطرق * ما كنت أحسبها قريب المعنق (4) إلى آخرها فقال: عبد الملك ثكلت القطامي أمه! هذا والله الشعر، قال:
فالتفت إلى الأخطل فقال: يا شعبي، إن لك فنونا في الأحاديث، وإنما لي فن واحد فإن رأيت ألا تحملني على أكتاف قومك فادعهم حرضا (6)! فقلت لا أعرض لك في شئ من الشعر أبدا، فأقلني هذه المرة، فقال: من يتكفل بك؟ قلت:

(1) الطلل: ما شخص من آثار الديار. والطيل: جمع طيلة، وهي الدهر.
(2) الضمير في (به) يعود على الدهر.
(3) منجحة: ظافرة. والمستنجح: طالب النجاح.
(4) المعنق: المكان الذي أعنقت منه، والعنق (بالتحريك) ضرب من السير السريع.
(5) أوردها صاحب الأغاني.
(6) الحرض: الردئ من الناس، أي أجعلهم بهجائي من أراذل الناس.
(١٦٤)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست