شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٦
فقلت ذاك زهير، فقال: ذاك شاعر الشعراء، قلت: وبم كان شاعر الشعراء؟
قال: إنه كان لا يعاظل الكلام، ويتجنب وحشية، ولا يمدح أحدا إلا بما فيه.
قال أبو الفرج: وأخبرني أبو خليفة قال ابن سلام: و أخبرني عمر بن موسى الجمحي، عن أخيه قدامة بن موسى - وكان من أهل العلم - إنه كان يقدم زهيرا، قال:
فقلت له: أي شعره كان أعجب إليه؟ فقال: الذي يقول فيه:
قد جعل المبتغون الخير في هرم والسائلون إلى أبوابه طرقا (1).
قال ابن سلام: وأخبرني أبو قيس العنبري - ولم أر بدويا يفي به - عن عكرمة بن جرير، قال: قلت لأبي: يا أبت، من أشعر الناس؟ قال: عن أهل الجاهلية تسألني، أم عن أهل الاسلام؟ قال: قلت: ما أردت إلا الاسلام، فإذا كنت قد ذكرت الجاهلية فأخبرني عن أهلها، فقال: زهير أشعر أهلها، قلت: فالاسلام، قال: الفرزدق نبعة الشعر، قلت: فالأخطل، قال: يجيد مدح الملوك، ويصيب وصف الخمر، قلت:
فما تركت لنفسك، قال: إني نحرت الشعر نحرا (2).
قال: وأخبرني الحسن بن علي قال: أخبرنا الحارث بن محمد عن المدائني، عن عيسى بن يزيد، قال: سأل معاوية الأحنف عن أشعر الشعراء؟ فقال: زهير، قال: وكيف ذاك؟ قال: ألقى على المادحين فضول الكلام، وأخذ خالصه وصفوته، قال: مثل ماذا؟ قال: مثل قوله:
وما يك من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلا وشيجة * وتغرس إلا في منابتها النخل! (3) قال: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا

(1) الأغاني 10: 288، 289.
(2) الأغاني 10: 289، 290 وفى د (نجرت الشعر نجرا).
(3) الأغاني 10: 290.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست