شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٦١
قال: حدثني رجل سماه أبو عمرو وأنسيته، قال: بينما نحن نسير بين أنقاء من الأرض، فتذاكرنا الشعر، فإذا راكب أطيلس (1) يقول: أشعر الناس زياد بن معاوية، ثم تملس فلم نره.
قال: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز، عن عمر بن شبة، عن الأصمعي، قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: ما ينبغي لزهير إلا أن يكون أجيرا للنابغة.
قال أبو الفرج: وأخبرنا أحمد عن عمر، قال: قال عمرو بن المنتشر المرادي: وفدنا على عبد الملك بن مروان، فدخلنا عليه، فقام رجل فاعتذر من أمر وحلف عليه، فقال له عبد الملك: ما كنت حريا أن تفعل ولا تعتذر، ثم أقبل على أهل الشام فقال: أيكم يروى اعتذار النابغة إلى النعمان في قوله:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب.
فلم يجد فيهم من يرويه، فأقبل على وقال أترويه؟ قلت: نعم، فأنشدته القصيدة كلها، فقال: هذا أشعر العرب.
قال: وأخبرني احمد وحبيب عن عمر، عن معاوية بن بكر الباهلي، قال:
قلت لحماد الراوية، لم قدمت النابغة؟ قال: لاكتفائك بالبيت الواحد من شعره، لا بل بنصف البيت، لا بل بربع البيت، مثل قوله:
حلفت فلم اترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب ولست بمستبق أخا لا تلمه * على شعث، أي الرجال المهذب ربع البيت يغنيك عن غيره، فلو تمثلت به لم تحتج إلى غيره.
قال: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز، عن عمر بن شبة، عن هارون بن عبد الله

(1) الأنقاء: جمع نقا، وهو القطعة من الرمل. وأطيلس تصغير أطلس، وهو ما في لونه غبرة إلى السواد.
وتملس: تملص وأفلت.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست