شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٩
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني أبو نعيم، قال شريك عن مجالد، عن الشعبي، عن ربعي بن حراش، قال: قال لنا عمر: يا معشر غطفان، من الذي يقول:
أتيتك عاريا خلقا ثيابي * على خوف تظن بي الظنون.
قلنا: النابغة، قال: ذاك أشعر شعرائكم (1).
قلت: قوله: (أشعر شعرائكم)، لا يدل على إنه أشعر العرب، لأنه جعله أشعر شعراء غطفان، فليس كقوله في زهير شاعر الشعراء، ولكن أبا الفرج قد روى بعد هذا خبرا آخر صريحا في أن النابغة عند عمر أشعر العرب. قال: حدثني أحمد وحبيب، عن عمر بن شبة، قال: حدثنا عبيد بن جناد، قال: حدثنا معن بن عبد الرحمن، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي، عن جده، عن الشعبي قال: قال عمر يوما:
من أشعر الشعراء؟ فقيل له أنت أعلم يا أمير المؤمنين، قال: من الذي يقول:
إلا سليمان إذ قال المليك له * قم في البرية فأحددها عن الفند (2) وخيس الجن إني قد أذنت لهم (3) * يبنون تدمر بالصفاح والعمد (4) قالوا النابغة، قال: فمن الذي يقول:
أتيتك عاريا خلقا ثيابي * على خوف تظن بي الظنون قالوا النابغة، قال: فمن الذي يقول:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب لئن كنت قد بلغت عنى خيانة * لمبلغك الواشي أغش وأكذب (5)

(1) الأغاني 11: 3، 4.
(2) فاحددها: فامنعها. والفند: الخطأ.
(3) خيس الجن، أي ذللهم، وفى الأغاني: (وخبر الجن).
(4) تدمر: مدينة قديمة مشهورة كانت ببرية الشام. والصفاح: حجارة دقاق عراض واحدها صفاحة والعمد: جمع عمود.
(5) بعده في الأغاني:
ولست بمستبق أخا لا تلمه * على شعث، أي الرجال المهذب!
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست