فقال القوم: قد أنصفك يا عمرو، قال: قد فعلت.
فقال ابن الزبير: أما إذ أمكنني الله منك فلأربدن وجهك، ولأخرسن لسانك ولترجعن في هذه الليلة، وكان الذي بين منكبيك مشدود إلى عروق أخدعيك، ثم قال: أقسمت عليكم يا معاشر قريش، أنا أفضل في دين الاسلام أم عمرو؟ فقالوا:
اللهم أنت، قال: فأبى أفضل أم أبوه؟ قالوا: أبوك حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمته، قال: فأمي أفضل أم أمه؟ قالوا: أمك أسماء بنت أبي بكر الصديق، وذات النطاقين، قال: فعمتي أفضل أم عمته؟ قالوا: عمتك سلمى ابنة العوام صاحبة رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من عمته، قال: فخالتي أفضل أم خالته؟ قالوا: خالتك عائشة أم المؤمنين، قال فجدتي أفضل أم جدته، فقال: جدتك صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فجدي أفضل أم جده؟ قالوا جدك أبو بكر الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:
قضت الغطارف من قريش بيننا * فاصبر لفصل خصامها وقضائها (1) وإذا جريت فلا تجار مبرزا * بذ الجياد على احتفال جرائها (2) أما والله يا بن العاص، لو إن الذي أمرك بهذا واجهني بمثله لقصرت إليه من سامى بصره، ولتركته يتلجلج لسانه، وتضطرم النار في جوفه، ولقد استعان منك بغير واف ولجا إلى غير كاف، ثم قام فخرج.
وذكر المسعودي في كتاب مروج الذهب إن الحجاج لما حاصر ابن الزبير لم يزل يزحف حتى ملك الجبل المعروف بأبي قبيس، وقد كان بيد ابن الزبير، فكتب