شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٤
بذلك إلى عبد الملك، فلما قرأ كتابه كبر وكبر من كان في داره حتى اتصل التكبير بأهل السوق، فكبروا، وسأل الناس ما الخبر؟ فقيل لهم إن الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة، وظفر بأبي قبيس، فقال الناس: لا نرضى حتى يحمل أبو خبيب إلينا مكبلا على رأسه برنس، راكب جمل، يطاف به في الأسواق، تراه العيون.
وذكر المسعودي إن عمة عبد الملك كانت تحت عروة بن الزبير، وإن عبد الملك كتب إلى الحجاج يأمره بالكف عن عروة، وذلك قبل أن يقتل عبد الله وألا يسوءه إذا ظفر بأخيه في ماله ولا في نفسه، قال: فلما اشتد الحصار على عبد الله خرج عروة إلى الحجاج فاخذ لعبد الله أمانا ورجع إليه، فقال: هذا عمرو بن عثمان، وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وهما فتيا بنى أمية يعطيانك أمان عبد الملك ابن عمهما على ما أحدثت أنت ومن معك، وأن تنزل أي البلاد شئت، ولك بذلك عهد الله وميثاقه، فأبى عبد الله قبول ذلك، ونهته أمه وقالت: لا تموتن إلا كريما، فقال لها: إني أخاف إن قتلت أن أصلب أو يمثل بي، فقالت إن الشاة بعد الذبح لا تحس بالسلخ.
وروى المسعودي إن عبد الله بن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية طلب من يؤمره على الكوفة، وقد كان أهلها أحبوا أن يليهم غير بنى أمية، فقال له المختار بن أبي عبيد: اطلب رجلا له رفق وعلم بما يأتي، وتدبر قوله إياها يستخرج لك منها جندا تغلب به أهل الشام، فقال: أنت لها، فبعثه إلى الكوفة، فأتاها وأخرج ابن مطيع منها، وابتنى لنفسه دارا، وأنفق عليها مالا جليلا، وسأل عبد الله بن الزبير أن يحتسب له به من مال العراق، فلم يفعل، فخلعه وجحد بيعته، ودعا إلى الطالبيين.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست