شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٦
كان يزيد بن معاوية قد ولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان المدينة، فسرح الوليد منها جيشا إلى مكة لحرب عبد الله بن الزبير، عليه عمرو بن الزبير، فلما تصاف القوم انهزم رجال عمرو وأسلموه، فظفر به عبد الله، فأقامه للناس بباب المسجد مجردا، ولم يزل يضربه بالسياط حتى مات (1).
وقد رأيت في غير كتاب المسعودي، إن عبد الله وجد عمرا عند بعض زوجاته، وله في ذلك خبر لا أحب أن أذكره.
قال المسعودي: ثم إن عبد الله بن الزبير حبس الحسن بن محمد بن الحنفية في حبس مظلم (2)، وأراد قتله، فأعمل الحيلة حتى تخلص من السجن، وتعسف الطريق على الجبال، حتى أتى منى، وبها أبوه محمد بن الحنفية (3).
ثم إن عبد الله جمع بني هاشم كلهم في سجن عارم، وأراد أن يحرقهم بالنار، وجعل في فم الشعب حطبا كثيرا، فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف، فقال أبو عبد الله لأصحابه: ويحكم! إن بلغ ابن الزبير الخبر عجل على بني هاشم فأتى عليهم، فانتدب هو نفسه في ثمانمائة فارس جريدة، فما شعر بهم ابن الزبير إلا والرايات تخفق بمكة، فقصد قصد الشعب، فأخرج الهاشميين منه، ونادى بشعار محمد بن الحنفية، وسماه المهدى، وهرب ابن الزبير، فلاذ بأستار الكعبة، فنهاهم محمد بن الحنفية عن طلبه

(1) مروج الذهب 3، 85.
(2) مروج الذهب: (سجن عارم).
(3) في مروج الذهب: (ففي ذلك يقول كثير:
تخبر من لاقيت أنك عائذ * بل العائذ المظلوم في سجن عارم ومن ير هذا الشيخ بالخيف من منى * من الناس يعلم أنه غير ظالم سمى نبي الله وابن وصيه * وفكاك أغلال وقاضي مغارم
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست