شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٨
وروى المسعودي عن سعيد بن جبير، إن ابن عباس دخل على ابن الزبير فقال له ابن الزبير: الام (1) تؤنبني وتعنفني، قال ابن عباس: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (بئس المرء المسلم يشبع ويجوع جاره!)، وأنت ذلك الرجل، فقال ابن الزبير: والله إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة. وتشاجرا، فخرج ابن عباس من مكة، [خوفا على نفسه]، فأقام بالطائف حتى مات (2).
وروى أبو الفرج الأصفهاني (3) قال: أتى فضالة بن شريك الوالبي ثم الأسدي من بنى أسد بن خزيمة عبد الله بن الزبير فقال: نفدت نفقتي، ونقبت ناقتي، فقال:
أحضرنيها، فأحضرها، فقال: أقبل بها، أدبر بها، ففعل، فقال: ارقعها بسبت، واخصفها بهلب، وأنجد بها يبرد خفها، وسر البردين تصح. فقال فضالة: إني أتيتك مستحملا، ولم آتك مستوصفا، فلعن الله ناقة حملتني إليك! فقال: إن وراكبها، فقال فضالة:
أقول لغلمة شدوا ركابي * أجاوز بطن مكة في سواد فما لي حين اقطع ذات عرق * إلى ابن الكاهلية من معاد (4) سيبعد بيننا نص المطايا * وتعليق الإداوى و المزاد (5) وكل معبد قد أعلمته * مناسمهن طلاع النجاد (6)

(1) في د: (علام).
(2) مروج الذهب 3: 89 والزيادة منه.
(3) الأغاني 1: 15، 16.
(4) ذات عرق: مهل أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة.
(5) نص المطايا: استخراج أقصى ما عندها من السير، والإداوى: جمع إدواة، وهي وعاء الماء.
والمزاد: جمع مزادة، وهي الراوية التي يحمل فيها الماء.
(6) المعبد: الطريق المذلل. وأعلمته مناسمهن: أثرت فيه بأخفافها. والنجاد: جمع نجد، وهو ما غلظ من الأرض.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست