شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٠
وهذا الأعرابي هو فضالة بن شريك، فهجاه فقال:
أرى الحاجات عند أبي خبيب * نكدن ولا أمية بالبلاد (1) من الأعياص أو من آل حرب * أغر كغرة الفرس الجواد دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، لا تدعن مروان يرمى جماهير قريش بمشاقصه (2)، ويضرب صفاتهم بمعوله. أما والله، إنه لولا مكانك لكان أخف على رقابنا من فراشه، وأقل في أنفسنا من خشاشه (3)، وأيم الله لئن ملك أعنة خيل تنقاد له لتركبن منه طبقا (4) تخافه.
فقال معاوية: إن يطلب مروان هذا الامر فقد طمع فيه من هو دونه، وأن يتركه يتركه لمن فوقه، وما أراكم بمنتهين حتى يبعث الله عليكم من لا يعطف عليكم بقرابة، ولا يذكركم عند ملمة، يسومكم خسفا، ويسوقكم عسفا.
فقال ابن الزبير: إذن والله يطلق عقال الحرب بكتائب تمور (5) كرجل الجراد، تتبع غطريفا (6) من قريش لم تكن أمه راعية ثلة (7).
فقال معاوية: أنا ابن هند، أطلقت عقال الحرب، فأكلت ذروة السنام، وشربت عنفوان المكرع (8) وليس للاكل بعدي إلا الفلذة (9)، ولا للشارب إلا الرنق (10).

(1) من ستة أبيات في الأغاني. وأبو خبيب كنية ابن الزبير، وخبيب ولده الأكبر. ويقال: نكده حاجته، إذا منعه إياها.
(2) المشاقص: جمع مشقص، وهو النصل الطويل، أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش.
(3) الخشاشة: واحدة الخشاش، وهي حشرات الأرض والعصافير ونحوها.
(4) الطبق: الحال، وفق قوله تعالى: (لتركبن طبقا عن طبق).
(5) تمور: تضطرب.
(6) الغطريف: السيد الشريف.
(7) الثلة: جماعة الغنم، أو الكثيرة منها.
(8) عنفوان الشئ: أوله، أو أول بهجته. والمكرع: المورد، مفعل من كرع في الماء أو الاناء.
(9) الفلذة: القطعة من اللحم.
(10) ماء رنق: كدر.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست