فسكت ابن الزبير.
قدم عبد الله بن الزبير على معاوية وافدا، فرحب به وأدناه حتى أجلسه على سريره، ثم قال: حاجتك أبا خبيب! فسأله أشياء، ثم قال له: سل غير ما سألت، قال: نعم، المهاجرون والأنصار ترد عليهم فيئهم، وتحفظ وصية نبي الله فيهم، تقبل من محسنهم، وتتجاوز عن مسيئهم.
فقال معاوية: هيهات هيهات، لا والله ما تأمن النعجة الذئب وقد أكل أليتها (1).
فقال ابن الزبير: مهلا يا معاوية، فإن الشاة لتدر للحالب وإن المدية في يده، وإن الرجل الأريب ليصانع ولده الذي خرج من صلبه، وما تدور الرحى إلا بقطبها، ولا تصلح القوس إلا بمعجسها (2).
فقال: يا أبا خبيب، لقد أجررت الطروقة قبل هباب الفحل (3) هيهات، وهي لا تصطك لحبائها اصطكاك القروم السوامي (4).
فقال ابن الزبير: العطن بعد العل، والعل بعد النهل، ولا بد للرحاء من الثفال (5) ثم نهض ابن الزبير.
فلما كان العشاء أخذت قريش مجالسها، وخرج معاوية على بنى أمية فوجد عمرو