شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٧
وعن الحرب، وقال: لا أريد الخلافة إلا أن طلبني الناس كلهم، واتفقوا على كلهم، ولا حاجة لي في الحرب (1).
قال المسعودي: وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب، وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول: إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة، ولا يختلف المسلمون، وان يدخلوا في الطاعة، فتكون الكلمة واحدة، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبى بكر، فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار (2).
قال المسعودي: وخطب ابن الزبير يوم قدم أبو عبد الله الجدلي قبل قدومه بساعتين، فقال: إن هذا الغلام محمد بن الحنفية قد أبى بيعتي، والموعد بيني وبينه أن تغرب الشمس، ثم أضرم عليه مكانه نارا، فجاء إنسان إلى محمد فأخبره بذلك، فقال:
سيمنعه منى حجاب قوى، فجعل ذلك الرجل ينظر إلى الشمس، ويرقب غيبوبتها لينظر ما يصنع ابن الزبير، فلما كادت تغرب حاست (3) خيل أبى عبد الله الجدلي ديار مكة وجعلت تمعج (4) بين الصفا والمروة، وجاء أبو عبد الله الجدلي بنفسه، فوقف على فم الشعب، واستخرج محمدا، ونادى بشعاره، واستأذنه في قتل ابن الزبير، فكره ذلك ولم يأذن فيه، وخرج من مكة فأقام بشعب رضوى حتى مات (5).

(1) مروج الذهب 3: 85.
(2) مروج الذهب 3: 86.
(3) حاست الخيل: أحاطت بها من كل جانب.
(4) تمعج: تشتد في عدوها يمينا وشمالا.
(5) مروج الذهب 3: 86، 87.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست