قال: ضعوهم فأنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة، وكان حمزه أول من كبر عليه أربعا، ثم جمع إليه الشهداء فكان كلما أتى بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهيد، حتى صلى عليه سبعين مرة، لان الشهداء سبعون.
قال الواقدي: ويقال: كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم، فيصلي عليهم، وترفع التسعة، ويترك حمزة مكانه، ويؤتى بتسعة آخرين فيوضعون إلى جنب حمزة فيصلى عليه وعليهم، حتى فعل ذلك سبع مرات، ويقال أنه كبر عليه خمسا وسبعا وتسعا.
قال الواقدي: وقد اختلفت الرواية في هذا، وكان طلحة بن عبيد الله وابن عباس وجابر بن عبد الله يقولون: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد، وقال: " أنا شهيد على هؤلاء "، فقال أبو بكر: ألسنا إخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا!
قال: بلى، ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم، شيئا ولا أدرى ما تحدثون بعدي!
فبكى أبو بكر وقال: إنا لكائنون بعدك!
وقال أنس بن مالك وسعيد بن المسيب: لم يصل رسول الله صلى الله عليه وآله على قتلى أحد.
قال الواقدي: وقال لأهل القتلى: احفروا وأوسعوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر، وقدموا أكثرهم قرآنا. وأمر بحمزة أن تمد بردته عليه وهو في القبر، وكانت قصيرة، فكانوا إذا خمروا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا خمروا بها رجليه انكشف وجهه، فبكى المسلمون يومئذ، فقالوا: يا رسول الله: عم رسول الله يقتل فلا يوجد له ثوب! فقال بلى إنكم بأرض جردية (1) ذات أحجار، وستفتح - يعنى الأرياف والأمصار - فيخرج الناس إليها، ثم يبعثون إلى أهليهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون،