يتوكأ على السعدين: سعد بن عبادة وسعد بن معاذ، ثم انصرف إلى بيته والناس في المسجد يوقدون النيران يتمكدون بها من الجراح، ثم أذن بلال بالعشاء حين غاب الشفق، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس بلال عند بابه صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ثلث الليل، ثم ناداه: الصلاة يا رسول الله! فخرج، وقد كان نائما، قال فرمقته فإذا هو أخف في مشيته منه حين دخل بيته، فصليت معه العشاء، ثم رجع إلى بيته قد صفف له الرجال ما بين بيته إلى مصلاه يمشى وحده حتى دخل، ورجعت إلى أهلي فخبرتهم بسلامته، فحمدوا الله وناموا، وكانت وجوه الأوس والخزرج في المسجد على النبي صلى الله عليه وسلم يحرسونه فرقا من قريش أن تكر.
قال الواقدي: وخرجت فاطمة عليها السلام في نساء وقد رأت الذي بوجه أبيها صلى الله عليه وسلم، فاعتنقته، وجعلت تمسح الدم عن وجهه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله. وذهب علي عليه السلام فأتى بماء من المهراس، وقال لفاطمة: امسكي هذا السيف غير ذميم، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مختضبا بالدم، فقال: لئن كنت أحسنت القتال اليوم، فلقد أحسن عاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف، وسيف أبي دجانة غير مذموم، هكذا روى الواقدي.
وروى محمد بن إسحاق أن عليا عليه السلام قال لفاطمة بيتي شعر، وهما:
أفاطم هاء السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بلئيم لعمري لقد جاهدت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد رحيم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لئن كنت صدقت القتال اليوم لقد صدق معك سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف.