وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحي! قلت: نعم، وقد أخبرنا أنه شرع لك إثنا عشر سنانا، فقال: طعنت اثنتي عشرة طعنة كلها أجافتني، أبلغ قومك الأنصار السلام وقل لهم: الله الله وما عاهدتم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة! والله مالكم عذر عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف، فلم أرم (1) من عنده حتى مات، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فرأيته استقبل القبلة رافعا يديه يقول: " اللهم الق سعد بن الربيع وأنت عنه راض ".
قال الواقدي: وخرجت السمداء بنت قيس، إحدى نساء بني دينار، وقد أصيب ابناها مع النبي صلى الله عليه وسلم بأحد: النعمان بن عبد عمر، وسليم بن الحارث، فلما نعيا لها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالوا: بخير، هو بحمد الله صالح على ما تحبين، فقالت: أرونيه أنظر إليه، فأشاروا لها إليه، فقالت كل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل (2)! وخرجت تسوق بابنيها بعيرا، [تردهما إلى المدينة] (3)، فلقيتها عائشة، فقالت ما وراءك؟ فأخبرتها (4)، قالت: فمن هؤلاء معك؟ قالت ابناي، حل حل (5) تحملهما إلى القبر.
قال الواقدي: وكان حمزة بن عبد المطلب أول من جئ به إلى النبي صلى الله عليه وآله بعد انصراف قريش - أو كان من أولهم - فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: رأيت الملائكة تغسله، - قالوا: لان حمزة كان جنبا ذلك اليوم - ولم يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله الشهداء يومئذ، وقال: لفوهم بدمائهم وجراحهم فإنه ليس أحد يجرح في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة لون جرحه لون الدم، وريحه ريح المسك، ثم