الوجه برأيي، عصاني محمد وأطاع الولدان! والله لكأني كنت أنظر إلى هذا، فقال ابنه: الذي صنع الله لرسوله وللمسلمين خير إن شاء الله. قال: وأظهرت اليهود القول السيئ، وقالوا: ما محمد إلا طالب ملك، ما أصيب هكذا نبي قط في بدنه وأصيب في أصحابه، وجعل المنافقون يخذلون (1) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ويأمرونهم بالتفرق عنه، وقالوا لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله: لو كان من قتل منكم عندنا ما قتل، حتى سمع عمر بن الخطاب ذلك في أماكن، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتل من سمع ذلك منهم من اليهود والمنافقين، فقال له: يا عمر، إن الله مظهر دينه ومعز نبيه، ولليهود ذمة فلا أقتلهم. قال: فهؤلاء المنافقون يا رسول الله يقولون، فقال: أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله! قال بلى، وإنما يفعلون تعوذا من السيف، وقد بان لنا أمرهم، وأبدى الله أضغانهم عند هذه النكبة، فقال:
إني نهيت عن قتل من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله يا بن الخطاب، إن قريشا لن ينالوا ما نالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن. (2).
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إخوانكم لما أصيبوا بأحد جعلت أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة فتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مطعمهم ومشربهم ورأوا حسن منقلبهم قالوا: ليت إخواننا يعلمون بما أكرمنا الله وبما نحن فيه لئلا يزهدوا في الجهاد، ويكلوا عند الحرب! فقال لهم الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) (3).