بن معاذ، ثم قال: يا أم سعد أبشري وبشري أهليهم أن قتلاهم قد ترافقوا في الجنة جميعا وهم إثنا عشر رجلا، وقد شفعوا في أهليهم، فقالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكى عليهم بعد هذا! ثم قالت: يا رسول الله، أدع لمن خلفوا، فقال: اللهم أذهب حزن قلوبهم، وآجر مصيبتهم، وأحسن الخلف على من خلفوا، ثم قال: لسعد بن معاذ:
حل أبا عمرو الدابة فحل، الفرس، وتبعه الناس، فقال: يا أبا عمرو إن الجراح في أهل دارك فاشية، وليس منهم مجروح إلا يأتي يوم القيامة جرحه كأغزر ما كان، اللون لون دم، والريح ريح مسك، فمن كان مجروحا فليقر في داره وليداو جرحه، ولا تبلغ معي بيتي، عزمة منى. فنادى فيهم سعد: عزمة من رسول الله صلى الله عليه وآله ألا يتبعه جريح من بنى عبد الأشهل، فتخلف كل مجروح، وباتوا يوقدون النيران ويداوون الجراح، وإن فيهم لثلاثين جريحا، ومضى سعد بن معاذ مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيته، ثم رجع إلى نسائه فساقهن، فلم تبق امرأة إلا جاء بها إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فبكين بين المغرب والعشاء، وقام رسول الله صلى الله عليه وآله حين فرغ من النوم لثلث الليل، فسمع البكاء فقال: ما هذا؟ قيل نساء الأنصار يبكين على حمزة، فقال رضى الله تعالى عنكن وعن أولادكن، وأمر النساء أن يرجعن إلى منازلهن، قالت أم سعد بن معاذ: فرجعنا إلى بيوتنا بعد ليل ومعنا رجالنا، فما بكت منا امرأة قط إلا بدأت بحمزة إلى يومنا هذا. ويقال: إن معاذ بن جبل جاء بنساء بنى سلمة، وجاء عبد الله بن رواحه بنساء بلحارث بن الخزرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أردت هذا، ونهاهن الغد عن النوح أشد النهى.
قال الواقدي: وجعل ابن أبي والمنافقون معه يشمتون ويسرون بما أصاب المسلمين، ويظهرون أقبح القول، ورجع عبد الله بن أبي إلى ابنه وهو جريح، فبات يكوى الجراحة بالنار حتى ذهب عامة الليل وأبوه يقول: ما كان خروجك مع محمد إلى هذا