القول في خروج النبي صلى الله عليه وآله وبعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن قال الواقدي: بلغ (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد عزموا أن يردوا إلى المدينة فينهبوها، فأحب أن يريهم قوة، فصلى الصبح يوم الأحد لثمان خلون من شوال ومعه وجوه الأوس والخزرج، وكانوا باتوا تلك الليلة في بابه يحرسونه من البيات، فيهم سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، والحباب بن المنذر، وأوس بن خولي، وقتادة بن النعمان في عدة منهم. فلما انصرف من صلاة الصبح أمر بلالا أن ينادى في الناس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركم بطلب عدوكم، ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس، فخرج سعد بن معاذ راجعا إلى قومه يأمرهم بالمسير، والجراح في الناس فاشية، عامة بنى عبد الأشهل جريح، بل كلها، فجاء سعد بن معاذ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تطلبوا عدوكم. قال: يقول أسيد بن حضير - وبه سبع جراحات، وهو يريد أن يداويها: سمعا وطاعة لله ولرسوله! فأخذ سلاحه ولم يعرج على دواء جراحه، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم. وجاء سعد بن عبادة قومه بنى ساعدة، فأمرهم بالمسير فلبسوا ولحقوا، وجاء أبو قتادة أهل خربا، وهم يداوون الجراح، فقال: هذا منادى رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركم بطلب العدو، فوثبوا إلى سلاحهم، ولم يعرجوا على جراحاتهم فخرج من بنى سلمة أربعون جريحا، بالطفيل بن النعمان ثلاثة عشر جرحا، وبخراش بن الصمة عشر جراحات، وبكعب بن مالك بضعة عشر جرحا، وبقطبة بن عامر بن خديج بيده تسع جراحات، حتى وافوا النبي صلى الله عليه وسلم بقبر أبى عتبة، وعليهم السلاح
(٥٥)