الخلفاء تستحب فيه لعن أبى تراب (1)، فقال هشام: ليس لهذا جئنا، ألا ترى أن ذلك يدل على أنه قد كان لعنه فيهم فاشيا ظاهرا، وكان عبد الله بن الوليد هذا يلعن عليا عليه السلام ويقول: قتل جدي جميعا، الزبير وعثمان.
وقال المغيرة وهو عامل معاوية يومئذ لصعصعة بن صوحان: قم فالعن عليا، فقام فقال: إن أميركم هذا أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنة الله! وهو يضمر المغيرة.
وأما عبد الملك فحسبك من جهله تبديله شرائع الدين والاسلام، وهو يريد أن يلي أمور أصحابها بذلك الدين بعينه، وحسبك من جهله أنه رأى من أبلغ التدبير في منع بني هاشم الخلافة أن يلعن علي بن أبي طالب عليه السلام على منابره، ويرمى بالفجور في مجالسه، وهذا قرة عين عدوه، وعير وليه، وحسبك من جهله قيامه على منبر الخلافة قائلا: إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف ولا بالخليفة المداهن، ولا بالخليفة المأفون (2).
وهؤلاء سلفه وأئمته، وبشفعتهم قام ذلك المقام، وبتقدمهم وتأسيسهم نال تلك الرياسة، ولولا العادة المتقدمة، والأجناد المجندة، والصنائع القائمة، لكان أبعد خلق الله من ذلك المقام، وأقربهم إلى المهلكة إن رام ذلك الشرف. وعنى بالمستضعف عثمان، وبالمداهن معاوية، وبالمأفون يزيد بن معاوية، وهذا الكلام نقض لسلطانه، وعداوة لأهله، وإفساد لقلوب شيعته، ولو لم يكن من عجز رأيه إلا أنه لم يقدر على إظهار قوته، إلا بأن يظهر عجز أئمته لكفاك ذلك منه. فهذا ما ذكرته هاشم لأنفسها.
[مفاخر بني أمية] قالت أمية: لنا من نوادر الرجال في العقل والدهاء والأدب والمكر ما ليس لأحد،