والخزرج شديدة. فانصرفا مسرعين، وثبت الشيخ ولا حراك به، فوقف المجذر بن زياد، فقال: قد أمكن الله منك! قال: ما تريد بي؟ قال: قتلك. قال: فارفع عن الطعام، واخفض عن الدماغ، فإذا رجعت إلى أمك، فقل: إني قتلت سويد بن الصامت. فقتله، فكان قتله هو الذي هيج وقعة بعاث. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة أسلم الحارث بن سويد بن الصامت، وأسلم المجذر فشهدا بدرا، فجعل الحارث بن سويد يطلب المجذر في المعركة ليقتله بأبيه، فلا يقدر عليه يومئذ فلما كان يوم أحد وجال المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، ثم خرج إلى حمراء الأسد، فلما رجع من حمراء الأسد أتاه جبرائيل عليه السلام، فأخبره أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة، وأمره بقتله، فركب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قباء في اليوم الذي أخبره جبرائيل في يوم حار - وكان ذلك يوما لا يركب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قباء، إنما كانت الأيام التي يأتي فيها رسول الله صلى الله عليه وآله قباء يوم السبت ويوم الاثنين - فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مسجد قباء صلى فيه ما شاء الله أن يصلى، وسمعت الأنصار فجاؤوا يسلمون عليه، وأنكروا إتيانه تلك الساعة، في ذلك اليوم. فجلس عليه السلام يتحدث ويتصفح الناس حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورسة (1)، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عويم بن ساعدة فقال له: قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن زياد، فإنه قتله يوم أحد، فأخذه عويم، فقال الحارث: دعني أكلم رسول الله - ورسول الله صلى الله عليه وآله يريد أن يركب، ودعا بحماره إلى باب المسجد - فجعل الحارث يقول: قد والله قتلته يا رسول الله وما كان قتلي إياه رجوعا عن الاسلام
(٤٩)