ثم أمرهم بإماتة الأصوات، لان شدة الضوضاء في الحرب أمارة الخوف والوجل.
ثم أقسم أن معاوية وعمرا ومن والاهما من قريش ما أسلموا ولكن استسلموا خوفا من السيف ونافقوا، فلما قدروا على إظهار ما في أنفسهم أظهروه، وهذا يدل على أنه عليه السلام جعل محاربتهم له كفرا.
وقد تقدم في شرح حال معاوية وما يذكره كثير من أصحابنا من فساد عقيدته ما فيه كفاية.
* * * [نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب] وأوصى أكثم بن صيفي قوما نهضوا إلى الحرب فقال: ابرزوا للحرب، وادرعوا الليل، فإنه أخفى للويل، ولا جماعة لمن اختلف، واعلموا أن كثرة الصياح من الفشل، والمرء يعجز لا محالة.
وسمعت عائشة يوم الجمل أصحابها يكبرون فقالت: لا تكبروا هاهنا، فإن كثرة التكبير عند القتال من الفشل.
وقال بعض السلف: قد جمع الله أدب الحرب في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا...﴾ (1) الآيتين.
وقال عتبة بن ربيعة لقريش يوم بدر: ألا ترونهم - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وآله - جثيا على الركب، يتلمظون تلمظ الحيات!
وأوصى عبد الملك بن صالح أمير سرية بعثها، فقال: أنت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيس الذي إن وجد ربحا تجر، وإلا احتفظ برأس المال، ولا تطلب