على قلوب المسلمين من الغيظ والحزن يومئذ نظير ما دخل عليهم من السرور والجذل يوم بدر، كما قال الله تعالى: ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ (1) وقال سبحانه: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)، قال: يعنى إنكم يوم بدر قتلتم من قريش سبعين، وأسرتم سبعين، وأما يوم أحد فقتل منكم سبعون، ولم يؤسر منكم أحد، فقد أصبتم قريشا بمثلي ما أصابوكم يوم أحد، وقوله:
(أنى هذا) أي كيف هذا، ونحن موعودون بالنصر ونزول الملائكة، وفينا نبي ينزل عليه الوحي من السماء! فقال لهم في الجواب: (هو من عند أنفسكم) يعنى الرماة الذين خالفوا الامر وعصوا الرسول، وإنما كان النصر ونزول الملائكة مشروطا بالطاعة وألا يعصى أمر الرسول، ألا ترى إلى قوله: (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) فعلقه على الشرط!
* * * القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاوية بن المغيرة بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس قال الواقدي: أما أبو عزة - واسمه عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح - فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه أسيرا يوم أحد - ولم يؤخذ يوم أحد أسير غيره - فقال: يا محمد، من علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لا ترجع إلى مكة تمسح عارضيك، فتقول سخرت بمحمد مرتين. ثم أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه.