[ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية] ونحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم، ونضيف إليه من قبلنا أمورا لم يذكرها، فنقول: قالت هاشم: أما ما ذكرتم من الدهاء والمكر فإن ذلك من أسماء فجار العقلاء، وليس من أسماء أهل الصواب في الرأي من العقلاء والأبرار، وقد بلغ أبو بكر وعمر من التدبير وصواب الرأي، والخبرة بالأمور العامة، وليس من أوصافهما ولا من أسمائهما أن يقال: كانا داهيين، ولا كانا مكيرين. وما عامل معاوية وعمرو بن العاص عليا عليه السلام قط بمعاملة إلا وكان علي عليه السلام أعلم بها منهما، ولكن الرجل الذي يحارب ولا يستعمل إلا ما يحل له أقل مذاهب في وجوه الحيل والتدبير من الرجل الذي يستعمل ما يحل وما لا يحل، وكذلك من حدث وأخبر، ألا ترى أن الكذاب ليس لكذبه غاية، ولا لما يولد ويصنع نهاية، والصدوق إنما يحدث عن شئ معروف، ومعنى محدود! ويدل على ما قلنا أنكم عددتم أربعة في الدهاء، وليس واحد منهم عند المسلمين في طريق المتقين، ولو كان الدهاء مرتبة والمكر منزلة لكان تقدم هؤلاء الجميع السابقين الأولين عيبا شديدا في السابقين الأولين، ولو أن أنسانا أراد أن يمدح أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ثم قال: الدهاة أربعة، وعدهم، لكان قد قال قولا مرغوبا عنه، لان الدهاء والمكر ليس من صفات الصالحين، وإن علموا من غامض الأمور ما يجهله جميع العقلاء، ألا ترى أنه قد يحسن أن يقال:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله أكرم الناس، وأحلم الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولا يجوز أن يقال: كان أمكر الناس، وأدهى الناس، وإن علمنا أن علمه قد أحاط بكل مكر وخديعة، وبكل أدب ومكيدة!
وأما ما ذكرتم من جود سعيد بن العاص وعبد الله بن عامر، فأين أنتم من عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس، والحسن بن علي وأين أنتم من جود خلفاء بني