(22) الأصل:
ومن كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس رحمه الله تعالى، وكان ابن عباس يقول: ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله كانتفاعي بهذا الكلام:
أما بعد، فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا، وليكن همك فيما بعد الموت.
* * * الشرح:
يقول: إن كل شئ يصيب الانسان في الدنيا من نفع وضر فبقضاء من الله وقدره تعالى، لكن الناس لا ينظرون حق النظر في ذلك، فيسر الواحد منهم بما يصيبه من النفع، ويساء بفوت ما يفوته منه، غير عالم بأن ذلك النفع الذي أصابه، كان لا بد أن يصيبه، وأن ما فاته منه كان لا بد أن يفوته، ولو عرف ذلك حق المعرفة لم يفرح ولم يحزن.
ولقائل أن يقول: هب أن الأمور كلها بقضاء وقدر، فلم لا ينبغي للانسان أن يفرح بالنفع وإن وقع بالقدر، ويساء بفوته أو بالضرر وإن وقعا بقدر! أليس العريان يساء