(28) الأصل:
ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب:
أما بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا صلى الله عليه وآله لدينه، وتأييده إياه لمن أيده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا، ونعمته علينا في نبينا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر، أو داعي مسدده إلى النضال.
وزعمت أن أفضل الناس في الاسلام فلان وفلان، فذكرت أمرا إن تم اعتزلك كله، وإن نقص لم يلحقك ثلمه. وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس! وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم! هيهات لقد حن قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها!
ألا تربع أيها الانسان على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر! فما عليك غلبة المغلوب، ولا ظفر الظافر، فإنك لذهاب في التيه، رواغ عن القصد.
ألا ترى - غير مخبر لك، ولكن بنعمة الله أحدث - إن قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار، ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيد الشهداء، وخصه رسول الله صلى الله عليه وآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه!