عام الرمادة في عهد عمر هناك، فماتوا، فتلك قبورهم. وكان ابن أبي ذئب وعبد العزيز بن محمد يقولان: لا نعرف تلك القبور المجتمعة، إنما هي قبور ناس من أهل البادية، قالوا: إنا نعرف قبر حمزة وقبر عبد الله بن حزام وقبر سهل بن قيس، ولا نعرف غير ذلك.
قال الواقدي: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يزور قتلى أحد في كل حول، وإذا لقوه بالشعب رفع صوته يقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار!
وكان أبو بكر يفعل مثل ذلك، وكذلك عمر بن الخطاب، ثم عثمان، ثم معاوية، حين يمر حاجا ومعتمرا.
قال: وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله تأتيهم بين اليومين والثلاثة فتبكي عندهم وتدعو، وكان سعد بن أبي وقاص يذهب إلى ما له بالغابة فيأتي من خلف قبور الشهداء فيقول: السلام عليكم، ثلاثا، ويقول: لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه السلام إلى يوم القيامة. قال: ومر رسول الله صلى الله عليه وآله على قبر مصعب بن عمير، فوقف عليه، ودعا وقرا: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾ (1)، ثم قال: إن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم فزوروهم وسلموا عليهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه. وكان أبو سعيد الخدري يقف على قبر حمزة فيدعو ويقرأ ويقول مثل ذلك. وكانت أم سلمة رحمها الله، تذهب فتسلم عليهم في كل شهر فتظل يومها، فجاءت يوما ومعها غلامها أنبهان، فلم يسلم، فقالت: أي لكع! ألا تسلم عليهم! والله لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة.
قال وكان أبو هريرة وعبد الله بن عمر يذهبان فيسلمان عليهم، قالت فاطمة